المملكة الأردنية الأدومية، جزء: ١٣ – إنجازات الملك الأدومي المؤسس حدد بن بدد
يعد الملك الأدومي الأردني حدد بن بدد من أعظم القادة الذين سطروا تاريخًا حافلًا بالإنجازات. فقد أسس مملكة واسعة امتدت عبر البحار، وحققت تقدمًا لافتًا في الملاحة والتجارة والعلم. وكان لدور الملك حدد في ترسيخ وحدتها وعلاقته بالأحداث التاريخية المرتبطة بالممالك الاردنية المجاورة، الفراعنة، بني إسرائيل والمجتمعات المجاورة
لقد صنع الملك الأدومي الثمودي العربي الأردني المنتخب المؤسس حدد بن بدد مملكة “أشبه بإمبراطورية” أدومية ثمودية عربية أردنية، واسعة الأرجاء شامخة البناء، عزيزة الأركان قوية البنيان وعلى أكثر من بحر مثل البحر الأحمر بما فيه ذراعاه، أي السويس والعقبة، (الذي صار بحرًا أدوميًا بشكل كامل وسمي البحر الأدومي زمن الملك حدد بن بدد ومن بعده)
وصل أسطول المملكة الأردنية الأدومية زمن الملك حدد إلى بحر العرب والبحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي (وكان يسمى البحر الغربي ثم سمي بحر الظلمات) فضلاً عن النصف الجنوبي من البحر الميت، ودامت هذه الإمبراطورية الأردنية الأدومية قرونًا طويلة تجاوزت ٤٠٠٠ سنة من قبل الملك حدد وزمنه ومن بعده، وبقيت هذه المملكة مستمرة، إلى أن جاء الأنباط وخلفوا الأدوميين
وقد بنى الملك المؤسس حدد بن بدد أسطولًا بحريًا، كان الأقوى في العالم في حينه، فسيطر على البحر الأحمر / البحر الأدومي / أو بحر سوف, وأسس الملك حدد بن بدد أول جامعة تعنى بعلوم البحر والملاحة وصناعة السفن وصيانتها وقيادتها، وعلوم الفلك والأبراج والنجوم وعلم الرياح، وما يتعلق بمياه البحر من المد والجزر والأمواج والتيارات البحرية، وتأثير الرياح والقمر. وقد سميت الجامعة جامعة حدد بن بدد
الملك حدد بن بدد و النبي موسى عليه السلام و الفراعنة
وهو أيضًا من وضع الاتفاقية مع سيدنا موسى عليه السلام، وبين فيها شروطه كاملة، وهي اتفاقية الذلة والمسكنة التي ضربها الله سبحانه على بني إسرائيل على يد الملك المؤسس حدد بن بدد، تلك الاتفاقية التي أشار إليها القرآن الكريم في سورة البقرة، الآية ٦١
:كما أشار القرآن الكريم إلى الملك حدد بن بدد أيضًا في الآية ٧٩ من سورة الكهف
أَمَا السَفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَ سَفِينَةٍ غَصْبًا
وتشير الآيات الكريمة ضمنًا إلى المجتمع الأردني الأدومي تحت خيمة وحكم الملك حدد بن بدد، في الأحداث التي رواها القرآن الكريم في الرحلة الثنائية بين سيدنا الخضر وسيدنا موسى عليهما السلام، والتي جاءت تفاصيلها في سورة الكهف
أما التوراة فقد أشارت إلى الملك حدد في عدة أسفار بيناها في متن البحث، حيث تحدثت عن الاتفاق بينه وبين سيدنا موسى عليه السلام. وكان الملك حدد هو من سلطه الله على بني إسرائيل، فحشرهم في بلاد التيه، الواقعة في الولايات الغربية من مملكة أدوم الأردنية. وكان القوم الجبارون من رعايا مملكة أدوم الأردنية، وكان ملكهم حدد بن بدد، أما قريتهم التي ذكرها القرآن الكريم فهي قدس/ قادش برنيع شمال شرقي سيناء الحالية. وما ورد في نصوص التوراة عن الملك المؤسس حدد بن بدد، من إذلاله لبني إسرائيل، يشكل دليلًا إضافيًا وتفسيرًا لبعض الآيات الكريمة الخاصة ببني إسرائيل وهم في التيه
كما أشار الكتاب المقدس الى رسالة سيدنا موسى عليه السلام الاولى الى ملك الاردن الملك الادومي المؤسس حدد بن بدد
وَأَرْسَلَ مُوسَى رُسُلًا مِنْ قَادَشَ إِلَى مَلِكِ أَدُومَ: هكَذَا يَقُولُ أَخُوكَ إِسْرَائِيلُ: قَدْ عَرَفْتَ كُلَّ الْمَشَقَّةِ الَّتِي أَصَابَتْنَا. إِنَّ آبَاءَنَا انْحَدَرُوا إِلَى مِصْرَ (سفر العدد ٢٠: ١٤)
وكان الملك حدد بن بدد يأمر بقتل كل إسرائيلي يجده خارج المنطقة المحددة لهم بموجب اتفاقه مع سيدنا موسى وهارون، إذ كان من بنود الاتفاق أن كل إسرائيلي يتم القبض عليه خارج منطقة الاتفاق يتم سجنه أو قتله، باستثناء أربعة أشخاص، هم: موسى وهارون عليهما السلام، وميشع (فتى موسى)، وكالب بن يوفنا (زوج مريم شقيقة سيدنا موسى عليه السلام)، حيث كانوا مستثنين من العقوبة حتى لو تجولوا خارج المنطقة المحددة لهم، وذلك لكونهم القادة السياسيين وأصحاب القرار في بني إسرائيل، كما أنهم يتمتعون بحصانة من الأذى الأدومي. وكان قارون والسامري حلفاء للملك حدد، وبالتالي كانوا مشمولين بالاستثناء من العقوبات التي كانت تُفرض على بقية عربان بني إسرائيل, لذلك، نجد أن سيدنا موسى عندما التقى الخضر وتجول في مناطق العقبة، لم يكن معه إلا ميشع، لأن الاتفاق نص على عدم قتلهما، حيث كان كلاهما يتمتع بحصانة الاتفاق. ومع ذلك، لم ينص الاتفاق على الترحيب بهما أو حمايتهما أو إطعامهما
كما أن حدد بن بدد كان حليفًا للفرعونين: فرعون التسخير (رعمسيس الثاني الذي استعبد بني إسرائيل) وابنه فرعون الخروج (مرنبتاح، الذي سار على نهج أبيه في قتل ذكور بني إسرائيل). كذلك، تحالف حدد بن بدد مع ملك فينيقيا، وملك مؤاب الملك بولاق بن صفور، وملك عمون، وملك باشان، ومع بلعام أمير بلعام، أي أنه تحالف مع ملوك الأردن كافة
عصر الازدهار والحرية في عهد الملك حدد بن بدد
وفي زمن الملك حدد بن بدد، ازدهرت الصناعة، والتعدين، والزراعة، والتجارة، والطب، بفضل توفر النباتات الطبية، كما ازدهرت صناعة العطور بسبب توفر النباتات العطرية، إضافة إلى الصناعات النباتية، والزراعية، والحيوانية. وأصبح جيشه من أقوى الجيوش في ذلك العصر، وأسطوله البحري من أقوى الأساطيل في زمانه. وكانت سياسته قائمة على حرية التعبير والرأي، وحرية العبادة، وتعدد الآلهة، بما في ذلك من يعبد الله الواحد الأحد سبحانه وتعالى (كما يظهر في سورة الكهف). كما كان يؤمن بالتعددية والانفتاح والحرية وسماع الرأي المخالف، مع الحفاظ على استقرار البلاد وهيبة المملكة
التعددية الدينية ووحدة الدولة في عهد الملك حدد بن بدد
وكان ملوك الأردن القدماء جميعهم يؤمنون بالحرية الدينية، وتعدد العبادات والآلهة والطقوس، ويسمحون بها لدى شعوبهم، لأن هذه الممالك كانت معبرًا لطرق القوافل، حيث يدين التجار بديانات متعددة ومختلفة، فاعتاد الأردنيون على التعددية في الآلهة والعبادات والطقوس والآراء. لذا، كان الملوك الأردنيون يسمحون ويجهزون آلهة التجار على اختلافها وتعددها، ويخصصون لها قاعات في معابد هذه الممالك، ويأمرون الكهنة بأن يقودوا طقوس هذه الأديان لاجتذاب الناس. وبالتالي، لم تندلع في الأردن حربٌ دينيةٌ إطلاقًا، لإيمانهم وممارستهم تعددية الآلهة والمعتقدات
لعب الملك حدد دورًا محوريًا في ترسيخ وحدة الدولة الأدومية الأردنية، وتعزيز العلاقة بين الأدوميين والمديانيين الأردنيين، من حيث الأرض والشعب والهوية والشرعية والقضية. وقد شملت هذه العلاقة المديانيين، الذين يُعتبرون من بقايا قوم النبي شعيب عليه السلام، بعد أن حلَّت بهم العقوبة الإلهية لتكذيبهم دعوته، فأصبحوا شتاتًا متفرقًا, وقد اندمج المديانيون في المملكة الأدومية الأردنية لقرون عديدة، لكنهم انفصلوا عن الأدوميين بعد وفاة الملك حدد، وتزامن ذلك مع انتهاء بني إسرائيل من فترة التيه
المراجع
د . احمد عويدي العبادي, إنجازات الملك الأدومي المؤسس حدد بن بدد